صورتي
لم تحرمه الحياه من القدرة على الامساك بالقلم وترديد الذكريات

سرطان خبيث

"قلت لنفسى ها نحن نعود من الميدان لنجد ان الزمن الدامى قد بدا فى بلدنا،

هل عدنا من حرب لنجد ان حربا اخرى فى انتظارنا؟ اعتقد ان ذلك كان خطئنا نحن ..ففى الحرب التى انهوها امس فقط كان العدو من الخلف ومن الامام، وكل رصاصة انطلقت فى اتجاه سيناء السليبة كان لابد ان تقابلها رصاصة اخرى الى الخلف فى اتجاه مصر المقيدة المحتله بمحتل من نوع اخر بالفقر والتخلف والظلم والقهر ولكننا لم ندرك ذلك وجهنا كل الجهد نحو العدو الواضح الظاهر،و

تركنا الاعداء السرطانية الخبيثة تلك التى لا وجود لها امام الاعين،

كان لنا العذر وتصورنا ان اهلنا سيقومون بهذه المهمة بدلا منا ،ولكنهم خيبوا ظننا وهذا ما يجعلها مهمتنا الان التى لابد ان نقوم بها، لن نتأخر، ذلك التأخر معناه ان السرطان سيسرى فى جسم الوطن بشكل يصعب معه العلاج، ومن يدرى فقد يصل استفحال الخطر الى ان يصبح العلاج الوحيد هو استئصال الجسم كله والحلان احلاهما مر..

ان الدرس الذى تعلمته اليوم جيدا.. ان بلدنا مثل القطط تاكل ابناءها بدون رحمة وان هؤلاء الابناء انفسهم يخرجون الى الدنيا مثل السمك الكبير ياكل الصغير.

للنظر جيدا الى بلدنا الان، انه عالم غريب ملغوم من صعب وسهل محب وحاقد متخم وجائع ولكنه لنا على ايه حال لنا وهنا القضية هذا البلد لنا كيف ومتى؟ ولمن منا بالتحديد؟ الستم معى ان كلمة البلد لنا تحتوى الكثير من المعانى بداخلها.

كنت اتمنى اه وماذا نملك فى تلك الايام غير التمنى كنت اتمنى لو ان الحرب ما زالت قائمة لكى احضر نقطة من دمى اخر دم ادافع عن تراب وادى النيل اختم بها اخر الفصل الخاص بى فى هذه الرواية ذلك ان عصر الحروب انتهى ويبدا فى مصر عصر الكلام، ولان الكلمات تشتعل من بعضها البعض فلن يعرف بر مصر سوى الكلمات ومن جديد، اقول كنت اتمنى لندع كل هذا امامى مهمة واحدة وهى كيف اسكت نفسى امسك بيدى امنعها من مواصلة الكتابة فالصمت اجدى من كلمات تقال فى عصر يعوم فيه الكل فى بحار الكلمات"

"الصديق"الحرب فى بر مصر يوسف القعيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق